حادثة أخرى، ضحايا جدد وحزن عميق يصفعنا جميعاً، أطفالنا يموتون هنا وهناك سواء بالعنف المباشر أو بضياع مستقبلهم، ولا أحد يشعر بذاك الوجع أكثر منا، أما بقية مؤسسات الدولة فلا يعنيها الإ أن تلقي المسؤولية على كاهل الضحايا، كي تتنصل تلك المؤسسات من اللوم والمحاسبة. هذه ليست المرة الأولى التي حتى قبل أن توارى أجساد الضحايا الثرى، تخرج الشرطة بمؤتمرات صحفية لشيطنة الضحايا والإدلاء بتصريحات جدلية حولهم، وكأنها تريد أن تقول "لقد استحقوا ما جرى لهم". في الحادثة الأخيرة توفي طفل وأصيب آخر، لم يتجاوزا الـ15 من عمرهما، أصرّت الشرطة أنهما كانا معروفان لدى سجلاتها، وكأن انخراطهما بالجريمة يبرر قتلهما. في الواقع إن كان الطفلان معروفان لدى الشرطة من قبل فإن الشرطة فشلت أكثر من مرة، أولاً عندما لم تستطع أن تؤمن بيئة نظيفة من الإجرام حولهما كي لا يجدان نفسيهما محاطين بالجريمة، وثانياً عندما لم تستطع أن تخرجهما من البيئة الإجرامية وتركوهم فيها لمواجهة مصير أسود قد تكون نهايته إما السجن أو القتل، والمرة الثالثة عندما فشلت من حماية هؤلاء الأطفال من وحشية جرائم الشارع رغم معرفتها أنهما هناك. وهذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها الشرطة أسلوب شيطنة الضحايا للتهرب من مسؤولياتها، فعندما تم قتل أبو حلب في شوارع مالمو، قالت الشرطة إن أخطر رجل في مالمو قد مات، رغم معرفتهم بأنه يتلقى تهديدات، ورغم عجزهم عن إثبات صلته بالكثير من الجرائم التي لربما لو استطاعوا إثباتها عليه لكان في السجن ولم يفقد حياته. واليوم تعيد الشرطة القصة ذاتها، وذلك لأن شيطنتنا أسهل من حمايتنا، ولتأكيد أن المشكلة فينا وليست بالجهاز الضعيف غير المتماسك وغير القادر على حماية السكان من عصابات الإجرام. لا يوجد فينا من يرغب بازدياد النشاط الإجرامي في مجتمعه أو منطقته، ولكن الأساليب الاتهامية وطريقة الأحكام المسبقة على مجتمع المهاجرين من قبل الشرطة تجعلنا أقل تعاوناً معها، ولذلك فإن التغيير يجب أن يكون من قبل الشرطة أولاً، كي تستطيع كسب ثقتنا بدلاً من توسيع الفجوة بيننا وبين الجهاز الأمني. بقلم الصحفي محمد الشامي