أخبار السويد

كيف مارست أكاديميات وجامعات أوروبية وهمية "الإرهاب الأكاديمي"؟

كيف مارست أكاديميات وجامعات أوروبية وهمية "الإرهاب الأكاديمي"؟ image

Ahmad Alkhudary

أخر تحديث

Aa

كيف مارست أكاديميات وجامعات أوروبية وهمية "الإرهاب الأكاديمي"؟

كيف مارست أكاديميات وجامعات أوروبية وهمية "الإرهاب الأكاديمي"؟

خدعت أكاديميات وجامعات أوروبية عدداً كبيراً من الباحثين عن استكمال تعليمهم، مانحةً إياهم شهادات بكالوريوس وماجستير ودكتوراه غير معترف بها، وذلك بغية المنفعة المادية البحتة. هذا ما جاء به تقرير نشره موقع «العربي الجديد» مؤخراً.

وبحسب أستاذ دراسات الإعلام والاتصال في جامعة يونشوبينغ Jönköping السويدية، البروفيسور ليون برخو: «يظن الباحث عن شهادة أوروبية من دول مثل الشرق الأوسط، بأن أي مؤسسة يمكنها أن تمارس نشاطاً تعليمياً طالما تعتبر كياناً قانونياً مرخصاً من مكتب تسجيل الشركات، وهو أمر يحتاج فقط إلى استيفاء متطلبات مصلحة الضرائب، وبالتالي تدعي بأنها معتمدة كجامعة يحق لها منح الشهادات»، واصفاً أنشطة الكيانات التي تدعي بأنها جامعات وتمنح شهادات غير معتمدة في السويد والدنمارك والنرويج بـ«الإرهاب الأكاديمي».

«العربي الجديد» يلاحق تسع كيانات

يؤكد برخو أنه يمكن لأي مقيم بشكل قانوني في السويد على سبيل المثال تأسيس عمل تجاري أو جمعية، والحصول على رقم ضريبي، واختيار أي اسم ما لم يكن يملك حقوق حماية وفق قانون تأسيس الشركات رقم 551 لعام 2005 وهو ما يستغله هؤلاء.

في هذا الصدد، تتبّع تحقيق «العربي الجديد» نشاط تسع كيانات تنشط في اثنين من الدول الإسكندنافية وهولندا وسويسرا، وتستغل قانون تأسيس الشركات من أجل إنشاء «أكاديميات وهمية» تدّعي أن لها صلاحية منح الشهادات الجامعية وبرامج للماجستير والدكتوراة.

تتبّع تحقيق «العربي الجديد» نشاط تسع كيانات تنشط في اثنين من الدول الإسكندنافية

نماذج من الحالات المرصودة

لدى زيارتك للصفحة الرئيسية لموقع أكاديمية بورك للعلوم Aalborg Academy of Science تظهر عبارة تعريفية تفيد بأنها «مؤسسة أكاديمية مستقلة أوروبية الموقع الجغرافي والثقافة والمنهج العلمي، تأسست عام 2015 استناداً إلى وثيقة التسجيل الصادرة من الهيئة العليا للضرائب وهيئة إدارة الأعمال الدنماركية تحت رقم 29094748 كمؤسسة أكاديمية تعمل بمستوى دراسات عليا»

ووفقاً لموقع الأكاديمية الذي رصده تحقيق «العربي الجديد»، فإنها تضم 116 أستاذاً معتمداً، يقدمون 74 برنامجاً دراسياً مختلفاً في 13 كلية، وتخرج من الأكاديمية 2150 طالباً منذ تأسيسها. وعقب تتبع معد التحقيق لأرشيف مصلحة الضرائب، ظهر بأن أول نشاط مُسجل للرقم الضريبي السابق، كان في الأول من أكتوبر/تشرين الأول عام 2005 تحت اسم مطعم الباشا للبيتزا، وظل هكذا حتى 31 ديسمبر/كانون الأول عام 2006، لاحقا تحول نشاطها التجاري إلى مكتب لخدمات الترجمة والتحرير حتى تاريخ 13 إبريل/نيسان 2015، قبل أن تصبح أكاديمية البورك العلمية والتي بدأت بمنح الشهادات الجامعية للطلبة التي يجتازون برنامجها الدراسي منذ عام 2015.

وذكر التحقيق حالات أخرى مارست المستوى ذاته من الخداع بحق الباحثين عن استكمال دراستهم الأكاديمية، بما فيها الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك، وجامعة الحياة الجديدة المفتوحة الإلكترونية في السويد، وجامعة أوسلو الدولية للدراسات والبحوث في النرويج، والجامعة الحرة وأكاديمية لاهاي للعلوم التطبيقية في هولندا، والأكاديمية الملكية السويسرية لدراسة إدارة الأعمال والاقتصاد والتكنولوجيا في سويسرا، وجامعة باي ريدج للدراسات والبحوث في النرويج. وهي المسألة التي تعد بمثابة الجرم في عدد من الدول الأوروبية التي تجرم قوانين الجامعات فيها استخدام لفظ جامعة من جانب المؤسسات غير المُرخصة والمعتمدة من قبل الوزارة.

وبحسب تحقيق «العربي الجديد» لا يمتلك مزودو التعليم العالي من القطاع الخاص صلاحيات منح الشهادات كذلك في السويد، وفقاً لمدونة القواعد السويدية رقم 792 لعام 1993 المتعلقة بسلطة منح المؤهلات، والتي تنص في القسم الثاني على أنه «يجب أن يفي برنامج الدراسة أيضاً بالمتطلبات المحددة التي تنطبق على المؤهل وفقاً للأحكام القانونية المتعلقة بمؤسسات التعليم العالي الخاضعة لقانون التعليم العالي رقم 765 الصادر عام 2009».

الصورة العربي الجديد

ادعاءات ومزاعم مخالفة للواقع

أورد تحقيق «العربي الجديد» حالات عديدة حيث ردت الجامعات المذكورة على معدّ التحقيق مزودة إياه بادعاءات غير صحيحة. حيث الأكاديمية العربية المفتوحة في ردها على استفسارات معد التحقيق أن «الشهادات الصادرة من الأكاديمية يتم تصديقها من الخارجية الدنماركية ومن سفارة بلد الطالب، وقد تم قبول العديد من طلابها في جامعات عربية وأوروبية ليكملوا دراستهم».

وهو الادعاء الذي يؤكد التحقيق أنه غير صحيح وفق توثيق معاناة ثلاثة أشخاص حصلوا على شهادات الماجستير من الأكاديمية ولم يتمكنوا من استكمال دراستهم لنيل الدكتوراة، بسبب عدم اعتراف الجامعات بشهادات الأكاديمية، ومنهم سلام الرسماوي الذي حصل على شهادة الماجستير في الإعلام والاتصال عام 2018، وعندما أراد استكمال الدكتوراة في السودان رفضت وزارة التعليم العالي الاعتراف بشهادته، قائلاً لـ«العربي الجديد» إنه لم يكن يعلم أنها ليست جامعة معتمدة، وشهادتها غير معترف بها.

نموذج جامعة الحياة الجديدة المفتوحة في السويد

يرصد تحقيق «العربي الجديد» ممارسة مشابهة قامت بها جامعة الحياة الجديدة المفتوحة الإلكترونية في السويد النشاط ذاته، والتي تحمل رقم ترخيص 969779-3389، وتقدم نفسها على أنها جزء مما يسمى «البرلمان الدولي لعلماء التنمية البشرية» وهي منظمة غير ربحية تعنى بالتنمية البشرية في السويد، ومنحت الجامعة شهادات دكتوراة مصدقة من السفارة السورية وكاتب العدل أولوف ويجيك في بلدية أوبسالا لمجموعة كبيرة من المسؤولين في الشرق الأوسط، ومن بينهم نقيب الفنانين السوريين زهير رمضان، الذي عبر في تصريحات صحافية في 17 ديسمبر/كانون الأول 2017 عن سعادته «لمنحه هذه الشهادة من جامعة لها تاريخها العلمي» على حدّ تعبيره، لكن التصديق الصحيح للشهادات من الجامعات المعتمدة يجب أن يكون من قبل مجلس الكليات في السويد، وفقاً لرد المجلس.

الصورة العربي الجديد

الاستفادة من الأسماء المعروفة

ووفقاً لمعد التحقيق، تعمد الأكاديميات المانحة لشهادات غير معتمدة إلى الترويج لنفسها بعدة طرق، أبرزها استخدام أسماء جامعات معروفة مع تغيير بسيط، مثل أكاديمية البورك للعلوم Aalborg Academy of Science التي تحمل اسماً مشابها لجامعة ALBORG UNIVERSITY الدنماركية الحكومية، التي تحتل المرتبة الـ 201 في مؤشر الجامعات العالمية Times Higher Education.

وتستقطب هذه الأكاديميات الطلبة أيضاً عبر إدراج أسماء معروفة ضمن قوائم الأساتذة العاملين فيها، وهو ما تفعله «البورك»، التي تُدرج في قائمة الأساتذة والمشرفين المنشورة على موقعها (116) اسماً، من بينهم الدكتور علاء حسين بشير، عضو الفريق الطبي الخاص بالرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي انتقل إلى لندن بعد غزو العراق، وتكتب الأكاديمية على موقعها أنه كبير محرري مجلة أكاديمية الطب، إلا أن بشير نفى في رده على معد التحقيق عمله مع الأكاديمية، قائلاً: «أنفي أي علاقة تربطني بالأكاديمية أو الأشخاص القائمين عليها»، مبيناً أنه راسلهم لإزالة اسمه، ولم تستجب الأكاديمية، لأن اسمه ما زال مدرجاً، ولم يوضح إن كان قد لجأ إلى القضاء في هذا الشأن أو لا.

تبلغ تكلفة الحصول على شهادة بكالوريوس في الإعلام في الأكاديمية العربية المفتوحة 7400 دولار

تكاليف الشهادات

تبلغ تكلفة الحصول على شهادة بكالوريوس في الإعلام في الأكاديمية العربية المفتوحة 7400 دولار، تشمل رسوم التسجيل بقيمة 250 دولاراً أميركياً تدفع مرة واحدة عند الالتحاق بالأكاديمية، أما رسوم الفصل الدراسي الواحد 850 دولاراً، وعدد الفصول الدراسية ثمانية فصول، بالإضافة إلى 350 دولاراً رسوم تصديق الشهادات وتدفع عند التخرج، وهنالك إمكانية لاختصار مدة الدراسة إلى سنتين، بشرط دفع رسوم الفصول المدمجة بشكل مسبق أي 1700 دولار وفق رد الأكاديمية على معد التحقيق.

ويوضح برخو أن تكلفة الحصول على شهادة دكتوراه في السويد مثلاً، يصل إلى مليون كرون، أي ما يعادل مئة ألف يورو تدفعها الحكومة للجامعة في حال كان الطالب يحمل إقامة سويدية، بينما الطالب الأجنبي يتحمل التكاليف كاملة. وهذا يؤكد أن هذه الأكاديميات لا تقدم تعليماً حقيقياً، بل تسعى إلى الحصول على الأموال فقط على حد قوله.

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - أخبار السويد

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©