مقالات الرأي

كيف مول البرلمان السويدي معهد للعنصرية قبل مئة عام؟

Aa

كيف مول البرلمان السويدي معهد للعنصرية قبل مئة عام؟

كيف مول البرلمان السويدي معهد للعنصرية قبل مئة عام؟

منصّة «أكتر» السويد

قبل مئة عام، في أيار/مايو 1921 تحديداً، موّل البرلمان السويدي إنشاء معهد «علمي» في أوبسالا، هدفه دراسة الحفاظ على النقاء العرقي والعنصرية في السويد. 

أكاديمية الفنون

في آذار 1919، قام الدكتور هيرمان لوندبوري Herman Lundborg بافتتاح «معرض النوع الشعبي Folktypsutställningen». حيث كان بإمكان الحضور مشاهدة صور تحت عناوين مثل: «نوع الفنلنديين واللابلاند» و «اليهود السويديين» و «الغجر» و «الأنواع الاسكندنافيّة النقيّة».

حقق المعرض نجاحاً كبيراً، وقام بالتنقل على مدى 6 أشهر في أوبسالا وغافله وفيسبي ويوتوبوري.

بالنسبة لمدير المعرض الدكتور لوندبوري، كان مهماً جداً تحذير السويديين من عواقب المزج بين الأعراق على «العرق الإسكندنافي المتفوق».

 الدكتور هيرمان لوندبوري Herman Lundborg

كانت كلماته: «المزج العرقي شرّ لا يمكن علاجه... وقد شكّل تهديداً لجميع الثقافات الرفيعة».

وصف المعرض الأعراق بكلمات مهينة، مثل: «السامي شكل متخلف من التطور البشري»، أو «الضعف الأخطر لدى العرق الفنلندي هو قدرتهم الضعيفة على التنظم، وشعورهم الضعيف بالنظام الاجتماعي والقانون».

في ذلك الوقت كان يُنظر لهذه التصنيفات والدراسات على أنّها «علم حديث»

«معرض النوع الشعبي Folktypsutställningen»

معهد العنصرية

في 1921 اتخذ البرلمان السويدي القرار – بجميع الأصوات دون حتّى معارض واحد، وكان الحزب الاشتراكي الديمقراطي هو الحزب الأغلبية في البرلمان – بتمويل إنشاء «المعهد الوطني لعلم الأحياء العرقي».

تمّ تعيين الدكتور لوندبوري – صاحب المعرض – مديراً للمعهد، وتمّت تسميته بروفسور.

كان هانس غونثر، عالم الأنثروبولوجيا والباحث في الأعراق، من طاقم المعهد البارزين. غونثر هو الشخص الذي قاد الأساس النظري للسياسات النازية العنصرية، ولإظهار أنّ الأعراق غير الأوروبية أدنى مرتبة.

 البرلمان السويدي عام 1921

 تحسين النسل!

قام المعهد حتّى عام 1926 بإجراء استطلاعات لقرابة 100 ألف سويدي، وكان لوندبوري متخصصاً في شعب السامي.

قضى لوندبوري 22 شهراً في شمال السويد لدراسة مجموعة السامي العرقية. كان أحد أهداف دراساته هو إيجاد الأسباب «للجريمة، وعدم التكيّف، وإدمان الكحول، والأمراض العقلية» في المجتمع السويدي.

كتب لوندبوري شارحاً عمله: «بهذا يمكن إيجاد أساس نظري متين لصحة عرقية دقيقة، وسياسة سكانية عقلانية».

أحد المعايير التي اعتمدها المعهد هو مؤشر الجمجمة الناجم عن تقسيم أبعادها على بعضها. الشخص الذي لديه جمجمة بمؤشر 75 فأدنى «جمجمة طويلة»، يعتبر من المنتمين لعرق متطور. أمّا الذي مؤشر جمجمتهم أكثر من 80 «جمجمة قصيرة» فينتمون لعرق متخلف.

قام المعهد حتّى عام 1926 بإجراء استطلاعات لقرابة 100 ألف سويدي، وكان لوندبوري متخصصاً في شعب السامي.

موسوعة المعهد

في 1926 تمّ جمع دراسات واستطلاعات المعهد في موسوعة ضخمة، وفي 1927 تمّ توزيعها على نطاق واسع في المدارس والمكتبات تحت اسم «المعرفة العرقية السويدية». 

احتوت الموسوعة على تنميطات كثيرة. تم تضمين صورة لسائق دراجات أشقر، لديه عضلات وجسم ذكوري ضخم، والإشارة إليه بوصفه النمط النموذجي للسويديين.

في تلك السنوات، كانت السويد رائدة حول العالم في مجال الدراسات العرقية، وكان المعهد في أوبسالا هو أوّل معهد للدولة للدراسات العرقية.

لم تقم ألمانيا حتّى عام 1927 بتنظيم المعهد الخاص بها، وقد اتبعت في ذلك النموذج السويدي.

كان لوندبوري من الشخصيات المرموقة في إسكندنافيا فيما يتعلق بعلم الأعراق.

خلال الأعوام الأولى لمعهد أوبسالا، لم يشكك أحد في البيولوجيا العرقية بأي شكل، باستثناء بعض الأصوات، مثل الكاتب تورستن فوغلكفيست  Torsten Fogelqvis، الذي انتقد أعمال لوندبوري ورفض إطلاق صفة العلم عليها، واعتبرها مجرّد مظهر خادع لإقناع الدولة بتقديم تضحيات مالية.

اعتبر لوندبوري أنّ الهجوم عليه لا يستحق الرد، وبأنّه هجوم من «صحف يهودية».

 النمط النموذجي للسويديين.
 

مشاكل التمويل

حاول لوندبيري توسيع نطاق مركزه، بحيث يكون هناك تعاون وتنسيق إسكندنافي، وأسس «الرابطة الاسكندنافية»، لكن لم تلق نجاحاً.

ورغم حساباته السياسية لم يتلق التمويل الذي طلبه في 1926، حيث حاول النأي بنفسه عن الانخراط بشكل زائد في التعاطف مع النازية وهجومها على اليهود. ثم في 1927 غادر المعهد على إثر مشاكل في التمويل ونقص الكادر.

بدأت في الثلاثينيات سنوات مجد المعهد بالزوال، فقد كان مرتبطاً بشكل كبير بالنازية المتعاظم شأنها في ألمانيا، ما عنى التشكيك في الدعم السويدي غير المحدود لعلوم الأعراق. 

إدارة أخرى واتجاه آخر

بدعم من دوائر الاشتراكيين الديمقراطيين والليبراليين، تسلّم إدارة المعهد غونار دالبري، الذي كان ناقداً للوندبيري.

بدأ المعهد يأخذ اتجاهاً آخر، حيث اختفت اللغة العنصرية، وتم استبدال الأبحاث القديمة بأبحاث تركز على الإحصاءات والجينات.

لم يعد يهتم المعهد بدراسة «العرق الإسكندنافي»، وباتت الأهمية لأشياء مثل أنظمة مناعة القطيع ضدّ الأوبئة والأمراض. وفي 1958 تمّت إعادة تسميته «معهد الجينات البشرية» وتم إدماجه في جامعة أوبسالا.

لكن لم يعني ذلك نهاية الاتجاه العنصري في السويد. فرغم فصل المسؤولين السويديين نفسهم عن النازية، فقد تم بين 1935 و1941 إعطاء الأوامر بالبدء بسياسة «العقم الإجباري» كأداة هامة تهدف «للحفاظ النوعي على المادة البشرية وزيادتها».

كان القرار المشين بالتعقيم وصمة عار في التاريخ السويدي، وانتصاراً هائلاً لعلم الأعراق العنصري. ولكن ذلك حديث لمقال آخر.

هل تعتقدون أنّ أحداً في السويد اليوم قد يؤمن بعلم الأعراق و«تفوق العرق الاسكندنافي»؟ على السويديين من أصول مهاجرة أن يبحثوا جيداً في هذا الأمر

أخبار ذات صلة
المزيد من أخبار - مقالات الرأي

أكتر هي واحدة من أكبر منصّات الأخبار السويدية باللغة العربية وأسرعها نمواً.

توفّر المنصة الأخبار الموثوقة والدقيقة، وتقدّم المحتوى الأفضل عبر النصوص والأفلام الموجّهة لعددٍ متزايد من الناطقين باللغة العربية في السويد وأجزاء من الدول الاسكندنافية وبقية العالم.

تواصل معنا

Kaptensgatan 24, 211/51 Malmö, Sweden
VD -  Kotada@aktarr.se

Tipsa -  Press@aktarr.se

Annonsera -  Annonsering@aktarr.se

للاشتراك بالنشرة الاخبارية

متابعة أخر الاخبار و المواضيع التي تهمك

2023 Aktarr جميع الحقوق محفوظة لمنصة ©